مشيئة الخالق والمخلوق
معنى المشيئة في حق الخالق وحق المخلوق . فقد أجمع أهل السنة والجماعة من خلال عقائدهم ، على إثبات أن للحق سبحانه مشيئة ولخلقه مشيئة ، ولكن مشيئة خلقه لا تتم إلا بمشيئته عز وجل كما قال سبحانه :وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ( الإنسان : 30 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن الجامي رحمه الله : ( إن المشيئة توجه الذات الإلهية نحو حقيقة الشيء ونفسه ، اسماً كان الشيء أو صفة أو ذاتاً ) .
والإرادة – عند الإمام الجرجاني – : تعلق الذات الإلهية بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن ، أعني وجوده أو عدمه ، بخلاف المشيئة فإن متعلقها نفس الماهية من غير ترجح أحد جانبيها . . . فعلى هذا إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة واقتضت تعلقها بأحد طرفي الممكن كما هو مقتضاها ، لا يبعد أن يسمى ذلك التوجه مشيئة الإرادة ، فإنه الذي ذكرناه من التقدم الذاتي للمشيئة على الإرادة ، وإمكان الاختلاف في متعلق الإرادة دون المشيئة هو الفرق بينهما ، وأما من جهة اتحادها بالنسبة إلى الهوية الغيبية الذاتية فعينهما سواء .
وبناء على ما قرره الإمامان الجامي والجرجاني فإن المشيئة أعم والإرادة أخص ، فمشيئة المخلوق إرادة ، وإرادة الحق مشيئة .
ويزيد الأمر وضوحاً العلامة المحدث عبد الله بن أبي جمرة في سفره القيم ( بهجة النفوس 1/34 ) فيقول : ( . . . . وأما التنزيل فقوله عز و جل : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى( الأنفال : 17 ) وقوله عز و جل : أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ( الواقعة : 63 - 64 ) ، فأثبت عز و جل الفعل للعبد وأثبت الفعل لنفسه معاً ، فأما ما هو من فعل العبد فهو أن النبي صلى الله تعالى عليه و سلم أخذ غرفة من تراب بيده ثم رماها ، وهذا حقيقة فعل من البشر مرئي محسوس .
وأما ما هو من فعل الرب سبحانه فهو أن تلك الغرفة ليس للبشر قوة على إيصالها إلى جميع أعين الأعداء ، وقد وصلت لجميع أعينهم حتى أوقعت الهزيمة فيهم . هذا ما هو من طريق النقل والمشاهدة ، وأما من طريق العقل والنظر فما يجد الإنسان في نفسه من الفرح إذا شاء شيئاً فساعدته القدرة على بلوغه فرح بذلك لنفوذ مشيئته وبلوغ أمله ، فإذا شاء شيئاً ولم تساعده القدرة على نفوذه حزن لعدم نفوذ مشيئته ، وما جعل اللهعز و جللعبيده من المشيئة وربط الأسباب بالمسببات وربط العوائد في بعض الأشياء بما جرت فهو أثر حكمته ، وحكمتهعز و جلوصف قائم بذاته .
قال الشيخ عبد الرحمن الجامي رحمه الله : ( إن المشيئة توجه الذات الإلهية نحو حقيقة الشيء ونفسه ، اسماً كان الشيء أو صفة أو ذاتاً ) .
والإرادة – عند الإمام الجرجاني – : تعلق الذات الإلهية بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن ، أعني وجوده أو عدمه ، بخلاف المشيئة فإن متعلقها نفس الماهية من غير ترجح أحد جانبيها . . . فعلى هذا إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة واقتضت تعلقها بأحد طرفي الممكن كما هو مقتضاها ، لا يبعد أن يسمى ذلك التوجه مشيئة الإرادة ، فإنه الذي ذكرناه من التقدم الذاتي للمشيئة على الإرادة ، وإمكان الاختلاف في متعلق الإرادة دون المشيئة هو الفرق بينهما ، وأما من جهة اتحادها بالنسبة إلى الهوية الغيبية الذاتية فعينهما سواء .
وبناء على ما قرره الإمامان الجامي والجرجاني فإن المشيئة أعم والإرادة أخص ، فمشيئة المخلوق إرادة ، وإرادة الحق مشيئة .
ويزيد الأمر وضوحاً العلامة المحدث عبد الله بن أبي جمرة في سفره القيم ( بهجة النفوس 1/34 ) فيقول : ( . . . . وأما التنزيل فقوله عز و جل : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى( الأنفال : 17 ) وقوله عز و جل : أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ( الواقعة : 63 - 64 ) ، فأثبت عز و جل الفعل للعبد وأثبت الفعل لنفسه معاً ، فأما ما هو من فعل العبد فهو أن النبي صلى الله تعالى عليه و سلم أخذ غرفة من تراب بيده ثم رماها ، وهذا حقيقة فعل من البشر مرئي محسوس .
وأما ما هو من فعل الرب سبحانه فهو أن تلك الغرفة ليس للبشر قوة على إيصالها إلى جميع أعين الأعداء ، وقد وصلت لجميع أعينهم حتى أوقعت الهزيمة فيهم . هذا ما هو من طريق النقل والمشاهدة ، وأما من طريق العقل والنظر فما يجد الإنسان في نفسه من الفرح إذا شاء شيئاً فساعدته القدرة على بلوغه فرح بذلك لنفوذ مشيئته وبلوغ أمله ، فإذا شاء شيئاً ولم تساعده القدرة على نفوذه حزن لعدم نفوذ مشيئته ، وما جعل اللهعز و جللعبيده من المشيئة وربط الأسباب بالمسببات وربط العوائد في بعض الأشياء بما جرت فهو أثر حكمته ، وحكمتهعز و جلوصف قائم بذاته .
تعليقات
إرسال تعليق